[14] والهلاك. وهذا الأمل القاتل هو أساس الجهل باللّه وعدم معرفة الحق والإبتعاد عن الحقيقة، ويؤدي الى تقوقع الانسان في دائرته الفردية بما ينسجه الخيال الواسع ويبتعد عن هدف وجود الإنسان على الأرض والمصير الذي يصبو إليه. ويحدثنا أمير المؤمنين علي (عليه السلام) عن هذا المضمون بقوله "يا أيّها الناس، إِنّ أخوف ما أخاف عليكم اثنان: اتّباعُ الهوى وطول الأمل; فأمّا اتّباع الهوى فيصدُّ عن الحقّ، وأمّا طول الأمل فَيُنْسي الآخرة"(1). حقاً، كم هم أولئك الذين امتازوا بالملكات الفائقة والكفاءات اللائقة، ولكنّهم سقطوا في شباك فخ طول الأمل فتحولوا إَلى موجودات ضعيفة، بل وممسوخة! وأصبحوا لا يستطيعون تقديم شي لمجتمعهم، بل ضيّعوا حتى ما ينفع أنفسهم وأُثقِلُوا عمّا يسمون به إِلى التكامل. وهذه الصورة نتلمس ملامحها بجلاء في دعاء كميل: "وحبسني عن نفعي بُعد أملي". بديهي أنّ الأمل الذي يتجاوز الحد المعقول، يجعل الإِنسان عرضة للإِنهماك والعجز والإِضطراب، ويُصَوِّر لصاحبه أنّ هذه الحال ستوصله إِلى السعادة والرفاه، وما يدري أنّه يخطو صوب جرف الشقاء والنكد. وغالباً ما تطوى صفحات هؤلاء بالدمعة الجارية والحسرة لما آل إِليه المآل ليكونوا عبرة لكل ذي عين بصيرة وأُذن سميعة. * * * ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ نهج البلاغة، من الخطبة 42.