[48] لقد كان قوم شعيب ـ كما عرفنا في الآيات السابقة ـ أفراداً أنانيين و"ذاتيين" إِذ كانوا يتصورون أنفسهم ذوي فهم، وأنّ شعيباً يجهل الأُمور!! وكانوا يسخرون منه ويعدّون كلامه بلا محتوى ويرونه ضعيفاً، وهذه النظرة الضيقة والأنانية صيّرت سماء حياتهم مظلمة ورمت بهم الى هاوية الهلاك. ليس الإِنسان وحده ـ بل حتى الحيوان ـ إِذا كان "أنانيّاً" ذا نظرة ضيقة فإنّه سيتوقف في الطريق!! يقال إنّ فارساً وصل الى نهر وأراد عبوره ولكنّه لاحظ بتعجب أنّ الفرس غير مستعدّة أن تعبر النهر الصغير والقليل العمق، وكلما الحّ على الفرس لكي تعبر لم يُفلح، فمرّ به رجل حكيم، فقال له: حرّك ماء النهر ليذهب فإنّ المشكلة ستنحلّ. ففعل ذلك فعبرت الفرس النهر بكل هدوء!! فسأل الحكيم عن السرّ في ذلك، فقال: حين كان الماء صافياً كانت صورة الفرس في الماء فلم يَرُق للفرس أن تطأ نفسها، وحين اختلط الماء بالطين ذهبت الصورة ونسيت الفرس صورتها فعبرت بكل بساطة! 5 ـ تلازم الإِيمان والعمل لا يزال الكثيرون يتصورون أنه يمكن للمسلم أن يكون بالعقيدة وحدها مسلماً حتى وإِن يقم بأيّ عمل، وما يزال الكثيرون يريدون من الدين ألاّ يكون مانعاً لرغباتهم وميولهم، ويريدون أن يكونوا أحراراً بوجه مطلق. قصّة شعيب تدلنا على أنّ قومه كانوا يريدون مثل هذا المنهج، لذلك كانوا يقولون له: نحن غير مستعدين أن نترك ما كان عليه السلف من عبادة الأصنام، ولا نفقد حريتنا في التصرف بأموالنا ما نشاء. لقد نسي أُولئك أنّ ثمرة شجرة الإِيمان ـ أساساً ـ هي العمل، وكان نهج الأنبياء أن يصلحوا الإِنحرافات العمليّة للإِنسان ويسددوا خطواته، وإِلاّ فإنّ