[44] سبحانه ... وأنتم لم تهابوه وتوقّروه (واتخذتموه وراءكم ظهرياً)(1). وفي الختام يقول لهم: لا تظنوا أنّ الله غافل عنكم أو أنّه لا يرى أعمالكم ولا يسمع كلامكم، بل (إنّ ربّي بما تعلمون محيط). إِنّ المتحدّث البليغ هو من يستطيع أن يعرّف موقفه من بين جميع المواقف الى الطرف المقابل ويشخصه من خلال أحاديثه. فحيث أنّ المشركين من قوم شعيب هددوهُ في آخر كلامهم بالرجم، وأبرزوا قوتهم أمامه، كان موقف شعيب من تهديداتهم على النحو التالي: (ويا قوم اعملوا على مكانتكم(2) إِنّي عامل سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه وارتقبوا إِنّي معكم رقيب)(3). أي انتظروا لتنتصروا علىّ بقواكم وجماعتكم وأموالكم، وأنا منتظر أيضاً أن يصيبكم الله بعذابه ويهلككم جميعاً. * * * ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ هناك في اللغة العربية أُسلوب يستعمل عند عدم الإِعتناء بشيء ما وذلك على نحو الكناية فيقال مثلا "جعلته تحت قدمي" أو يقال مثلا "جعلته دبر أذني" أو "جعلته وراء ظهري" أو "جعلته ظهرياً" و"الظهر" على زنة "قهر"، والياء بعده ياء النسبة وإِنّما كسرت الظاء فذلك لما يطرأ على الاسم المنسوب من تغيرات. 2 ـ المكانة: مصدر أو اسم مصدر ومعناه القدرة على الشيء. 3 ـ الرقيب: معناه الحافظ والمراقب وهو مشتق في الأصل من الرقبة وإِنّما سُمّي بذلك لأنّه يكون حافظاً على رقبة شخص ما "كناية عن أنّه مراقب على روحه" أو يحرك الرقبة ليؤدي دور الرقابة والحفظ.