[43] فأوّلها: أنّهم قالوا: (يا شعيب ما نفقه كثيراً ممّا تقول) ... فكلامك أساساًليس فيه أوّل ولا آخر، وليس فيه محتوى ولا منطق قيم لنفكر فيه ونتدبره وليس لديك شيء نجعله ملاكاً لعملنا، فلا ترهق نفسك أكثر! وامض الى قوم غيرنا... والثّانية: قولهم (وإِنّا لنراك فينا ضعيفاً) فإذا كنت تتصور أنّك تستطيع إثبات كلماتك غير المنطقية بالقدرة والقوّة فانت غارق في الوهم. والثّالثة: هي أنّه لا تظنّ أنّنا نتردد في القضاء عليك بأبشع صورة خوفاً منك ومن بأسك، ولكن احترامنا لعشيرتك هو الذي يمنعنا من ذلك (ولولا رهطك لرجمناك)! والطريف أنّهم عبّروا عن قبيلة شعيب: بـ "الرّهط" وهذه الكلمة تطلق في لغة العرب على الجماعة التي مجموع أنصارها ثلاثة الى سبعة، أو عشرة، أو على قول. وهو الحدّ الأكثر ـ تطلق على أربعين نفراً. وهم يشيرون بذلك الى أنّ قبيلتك تتمتع بالقوة الكافية مقابل قوتنا، ولكن تمنعنا أمور أُخرى، وهذا يشبه قول القائل: لولا هؤلاء الأربعة من قومك وأُسرتك لأعطيناك جزاءك بيدك. في حين أنّ قومه وأسرته ليسوا بأربعة، بل المراد بيان هذه المسألة، وهي أنّهم لا أهمية لقدرتهم في نظر القائل. وقولهم الأخير: (وما أنت علينا بعزيز) فمهما كانت منزلتك في عشيرتك، ومهما كنت كبيراً في قبيلتك إِلاّ أنّه لا منزلة لك عندنا لسلوكك المخالف والمرفوض. ولكنّ شعيباً دون أن يتأثر بكلماتهم الرخيصة واتهاماتهم الواهية أجابهم بمنطقه العذب وبيانه الشائق متعجباً وقال: (يا قوم أرهطي أعزّ عليكم من الله)أفتذروني من أجل رهطي وقبيلتي التي لا تتجاوز عدّة أنفار ولا ينالني منكم سوء، فَلِمَ لا تصغون لكلامي في الله؟ وهل يمكن أن نقارن عدّة أفراد بعظمة الله