[23] أن تنجوا أنفسكم من الهلاك. الثّالث: لا يتخلف منكم أحد عن هذه القافلة الصغيرة. الرّابع: إِنّ الأرض ستضطرب حال خروجكم وستبدأ مقدمات العذاب فاهربوا بسرعة ولا تلتفتوا إِلى الوراء ... ولكن لا مانع من الجمع بين هذه الإِحتمالات كلها في الآية(1). وخلاصة الأمر فإنّ آخر ما قاله رسل الله ـ أي الملائكة ـ للوط(عليه السلام): إِنّ العذاب سينزل قومه صباحاً. ومع أوّل شعاع للشمس سيحين غروب حياة هؤلاء: (إِنّ موعدهم الصبح). ونقرأ في بعض الرّوايات أنّ الملائكة حين وعدوا لوطاً بنزول العذاب صباحاً، سأل لوط الملائكة لشدة ما لقيه من قومه ممّا ساءَه، وجرح قلبه وملأه همّاً وغمّاً أن يعجلوا عليهم بالعذاب في الحال فإنّ الأفضل الإِسراع، ولكن الملائكة طمأنوه وسرّوا عنه بقولهم: (أليس الصبح بقريب). وأخيراً دنت لحظة العذاب وتصرّمت ساعات انتظار لوط النّبي(عليه السلام)، وكما يقول القرآن الكريم (فلمّا جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود). وكلمة "سجّيل" فارسية الأصل، وهي مركبة من "سنك" ومعناها الحجارة و"گِل" ومعناها الطين، فعلى هذا هي شيء صلباً كالحجارة ولا رخواً كالزهرة، ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ في قوله (إِلاَّ امرأتك) هذا الإِستثناء من أي جملة هو؟ للمفسّرين احتمالان: "الأوّل" إنّه يعدّ استثناء من (لاَ يلتفت منكم أحد) ومفهومها أنّ لوطاً وأهله بما فيهم امرأته تحركوا للخروج من المدينة ولم يلتفت منهم أحد كما أمرهم الرسل، إِلا امرأة لوط فإنّها بحكم علاقتها بقوم لوط وتأثرها على مصيرهم، وقفت لحظة ونظرت إِلى الوراء، وطبقاً لبعض الرّوايات أصابها حجر من الأحجار التي كانت تهوي على المدينة فقُتلت به. "الثاني" إنّه استثناء من جملة (فأسر بأهلك) فيكون معناها أنّ جميع أهله ذهبوا معه ولكن امرأته بقيت في المدينة ولم يأخذها لوط معه، ولكن الإِحتمال الأوّل أنسَبُ.