[17] وينصحكم بالإِقلاع عنها. ولكن هؤلاء القوم المفسدين أجابوا لوطاً بكل وقاحة وعدم حياء و(قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإِنّك لتعلم ما نريد). وهنا وجد لوط هذا النّبي العظيم نفسه محاصراً في هذه الحادثة المريرة فنادي و(قال لو أنّ لي بكم قوةً) أو سند من العشيرة والأتباعوالمعاهدين الأقوياء حتى اتغلّب عليكم (أو آوي إِلى ركن شديد). * * * ملاحظات 1 ـ العبارة التي قالها لوط عند هجوم القوم على داره وأضيافه ـ (هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم) فتزوجوهنّ إِنّ شئتم فهنّ حلال لكم ولا ترتكبوا الإثم و الذنب وقد ـ أثارت هذه العبارة بين المفسّرين عدّة أسئلة: أوّلا: هل المراد من (هؤلاء بناتي) بنات لوط على وجه الحقيقة والنسب؟! في حين أنّ عددهن ـ وطبقاً لما ينقل التاريخ ـ ثلاث أو أثنتان فحسب، فكيف يعرض تزويجهن على هذه الجماعة الكثيرة؟! أم أنّ المراد من قوله (هؤلاء بناتي) بنات "القبيلة" والمدينة، وعادة ينسب كبير القوم ورئيسهم بنات القبيلة اليه ويطلق عليهنّ "بناتي". الإِحتمال الثّاني يبدو ضعيفاً لأنّه خلاف الظاهر. والصحيح هو الإِحتمال الأوّل، لأنّ الذين هجموا على داره وأضيافه كانوا ثلّة من أهل القرية لا جميعهم فاقترح عليهم لوط ذلك الاقتراح، أضف إِلى ذلك أنّ لوطاً كان يريد أن يبدي مُنتهى إِيثاره وتضحيته لحفظ ماء وجهه وليقول لهم: إِنّي مستعد لتزويجكم من بناتي لتُقِلعوا عن آثامكم وتتركوا أضيافي فلعل هذا الإِيثار المنقطع النظير يردعهم ويوقظ ضمائرهم الذي غطته السيئات.