[9] وعلى كل حال فإنّ هذا الإِحتمال في الآية يبدو بعيداً جدّاً. ثمّ تضيف الآية أنّ إِسحاق سيعقبه ولد من صلبه اسمه يعقوب: (فبشرناها بإسحاق ومن وراء إِسحاق يعقوب). الواقع أنّ الملائكة بشّروها بالولد وبالحفيد، فالأوّل إِسحاق والثّاني يعقوب، وكلاهما من أنبياء الله. ومع التفات "سارة" امرأة إِبراهيم إِلى كبر سنّها وسن زوجها فإنّها كانت آيسة من الولد بشدّة، فاستنكرت بصوت عال متعجبة من هذا الأمر و (قالت ياويلتا أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخاً إِن هذا لشيءٌ عجيب). وكان الحق معها، لأنّه طبقاً للآية (29) من سورة الذاريات، فإنّها كانت في شبابها عاقراً، وحين بشرت بالولد كانَ عمرها ـ كما يقول المفسّرون وتذكره التوراة في سفر التكوين ـ تسعين عاماً أو أكثر، أمّا زوجها إِبراهيم(عليه السلام) فكان عمره مئة عام أو أكثر. وهنا ينقدح سؤال وهو: لم استدلت سارة على عدم الإِنجاب بكبر سنّها وكبر سنّ زوجها، في حين أننا نعلم أنَّ النساء عادة يصبحن آيسات بعد الخمسين لإِنقطاع "الحيض" أو "العادة" واحتمال الإِنجاب في هذه المرحلة بالنسبة لهنّ ضعيف، أمّا الرجال فقد أثبتت التجارب الطبيعية أنّهم قادرون على الإِنجاب لسنين أطول ...؟ والجواب على هذا السؤال واضح: فإنّ الرجال وإن كانوا قادرين على الإِنجاب، ولكن يضعف احتماله كلما طعنوا في السنّ ولذا فطبقاً للآية (54) من سورة الحجر نجدُ إِبراهيم نفسه متعجباً من هذه البشرى لكبر سنّه، أضف إِلى ذلك فإنّ سارة من الناحية النفسية لعلها لم تكن في الانفراد بهذه المشكلة (العقم) وأرادت اقحام زوجها معها. وعلى كل حال فإنّ رسل الله ازالوا التعجب عنها فوراً وذكّروها بنعم الله "الخارقة للعادة" عليها وعلى اسرتها ونجاتهم من الحوادث الجمة، فالتفتوا إِليها