[8] بالرغم من إِعداده وتهيأته لهم. ويحتمل أيضاً أنّ ضحكها لسرورها بالبشارة بالولد. وإِن كان ظاهر الآية ينفي هذا التّفسير، لأنّ البشرى بإسحاق كانت بعد ضحكها، إِلاّ أن يقال: إِنّهم بشروا إِبراهيم أوّلا بالولد، واحتملت سارة أن سيكون الولد منها فتعجبت، وأنّه هل يمكن لامرأة عجوز وفي هذه السن أن يكون لها ولد من زوجها؟ لذلك سألتهم بتعجب فأجابوها بالقول: نعم، وهذا الولد سيكون منك. والتأمل في سورة الذاريات بهذا الشأن يؤكّد ذلك. وينبغي الإِلتفات هنا إِلى أنّ بعض المفسّرين يصرون على أنّ "ضحكت" مشتقة من "ضَحْك" بمعنى العادة النسائية وهي "الحيض" وقالوا:إنّ سارة بعد أن بلغت سنّ اليأس أتتها العادة في هذه اللحظة وحاضت، والعادة الشهرية تدل على إِمكان إِنجاب الولد، ولذلك فحين بشرت بإِسحاق أمكنها أن تصدّق ذلك تماماً ... وهؤلاء المفسّرون استندوا في قولهم إِلى لغة العرب، حيث قالوا في هذا الصدد: ضحكت الأرنب، أي حاضت. ولكن هذا الإِحتمال مستبعد من جهات مختلفة: أوّلا: لأنّه لم يسمع أنّ هذه "المادة" استعملت في الإِنسان بمعنى الحيض في اللغة العربية، ولهذا فإنّ الراغب حين يذكر هذا المعنى في مفرداته يقول بصراحة: إِنّ هذا ليس تفسير جملة فضحكت كما تصوّره بعض المفسّرين، بل معناها هو الضحك المألوف، ولكنّها حاضت وهي في حال الضحك أيضاً، ولذلك وقع الخلط بينهما. ثانياً: إِذا كانت هذه الجملة بمعنى حصول العادة النسائية فلا ينبغي لسارة أن تتعجب من البشرى بالولد "إِسحاق" لأنّه ـ والحال هذه ـ لا غرابة في الإِنجاب، في حين نستفيد من الجمل الأُخرى أنّها لم تتعجب من الإِنجاب فحسب، بل صرخت وقالت: (يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخاً).