[581] خيراتهم ومصادرة حياتهم . هذا الإستعمار الذي له أوجه شؤم مختلفة ، يتجسم مرّة بشكل "ثقافي" وأُخرى بوجه "فكري" وثالثة بوجه "إقتصادي" ورابعة بوجه "سياسي" وقد يبدو بوجه "عسكري" أيضاً ، وهو الذي بدل دنيانا وجعلها سوداء مظلمة ، فالأقلية في هذه الدنيا لديهم كل شيء ، والأكثرية العظمى فاقدة لكل شيء هذا الإستعمار هو السبب في الحروب والدمار والإنحرافات والفساد والتسابق التسليحي الذي يقصم الظهر . القرآن استعمل لهذا المفهوم مفردة "الإستضعاف" التي تنطبق تماماً على هذا المعنى أي "جعل الشيء ضعيفاً" بالمعنى الواسع والشامل للكلمة ، جعل الفكر ضعيفاً ، وجعل الإقتصاد ضعيفاً ، وجعل السياسة ضعيفة .. الخ .. وقد اتسع مجال الإستعمار إلى درجة بحيث أصبحت كلمة الإستعمار "إستعمارية" أيضاً ، وذلك لأنّ مفهومها اللغوي قد انقلب رأساً على عقب تماماً. وعلى كل حال ، فإن الإستعمار من القَصَصِ الطويلة المثيرة للحزن والألم ، بحيث يمكن أن يقال أنّه يستوعب تاريخ البشرية أجمع وإن تغيّر وجهه دائماً ، ولكن من غير المعلوم أنّه متى يزول من المجتمعات الإنسانية ، وتقوم حياة البشر على أساس التعاون والإحترام المتبادل بين الناس والمساعدة ليتقدم الواحد بعد الآخر في جميع المجالات ... ؟! * * *