[688] "الوسيلة". والذين خصصوا هذه الآية وقيدوها ببعض هذه المفاهيم لا يمتلكون في الحقيقة أي دليل على هذا التخصيص، لأنّ كلمة "الوسيلة" تطلق في اللغة على كل شيء يؤدي إِلى التقرب. والجدير بالذكر هنا هو أنّ المراد من التوسل لا يعني ـ أبداً ـ طلب شيء من شخص النّبي أو الإِمام، بل معناه أن يبادر الإِنسان المؤمن ـ عن طريق الأعمال الصالحة والسير على نهج النّبي والإِمام ـ بطلب الشفاعة منهم إِلى الله، أو أن يقسم بجاههم وبدينهم (وهذا يعتبر نوعاً من الإِحترام لمنزلتهم وهو نوع من العبادة) ويطلب من الله بذلك حاجته، وليس في هذا المعنى أيّ أثر للشرك، كما لا يخالف الآيات القرآنية الأخرى، ولا يخرج عن عموم الآية الأخيرة موضوع البحث "فتدبّر". التوسل في القرآن: هناك آيات قرآنية أُخرى تدل بوضوح على أنّ التوسل بمقام إِنسان صالح عند الله، وطلب شيء من اللّه عن طريق التوسل بجاه هذا الإِنسان عند الله، لا يعتبر أمراً محظوراً ولا ينافي التوحيد. فنحن نقرأ في الآية (64) من سورة النساء قوله تعالى: (ولو أنّهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرّسول لوجدوا الله تواباً رحيماً). كما نقرأ في الآية (97) من سورة يوسف، إِنّ أخوة يوسف طلبوا من أبيهم أن يستغفر لهم الله، فقبل يعقوب هذا الطلب ونفذه. والآية (114) من سورة التوبة تشير إِلى موضوع استغفار إِبراهيم لأبيه، وهذا دليل على تأثير دعاء الأنبياء في حق الآخرين. وقد ورد هذا الموضوع في آيات قرآنية أُخرى أيضاً.