[687] فكلمة "الوسيلة" في الأصل بمعنى نشدان التقرب أو طلب الشيء الذي يؤدي إِلى التقرب للغير عن ميل ورغبة، وعلى هذا الأساس فإِن كلمة "الوسيلة" الواردة في هذه الآية لها معان كثيرة واسعة، فهي تشمل كل عمل أو شيء يؤدي إِلى التقرب إِلى الله سبحانه وتعالى، وأهم الوسائل في هذا المجال هي الإِيمان بالله وبنبيّه(صلى الله عليه وآله وسلم) والجهاد في سبيل الله، والعبادات كالصّلاة والزكاة والصوم، والحج إِلى بيت الله الحرام وصلة الرحم والإِنفاق في سبيل الله سرّاً وعلانية وكذلك الأعمال الصالحة ـ كما يقول الإِمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام)في خطبة له وردت في "نهج البلاغة" منها: "إِنّ أفضل ما توسل به المتوسلين إِلى الله سبحانه وتعالى الإِيمان به وبرسوله والجهاد في سبيله فإِنّه ذروة الإِسلام وكلمة الإِخلاص فإِنّها الفطرة، وإقامة الصّلاة فإِنّها الملّة(1)، وإِيتاء الزكاة فإِنّها فريضة واجبة، وصوم شهر رمضان فإِنه جنة من العقاب، وحج البيت واعتماره فإِنهما ينفيان الفقر، ويرحضان(2) الذنب، وصلة الرحم فإِنها مثراة(3) في المال ومنساة(4) في الأجل وصدقة السرّ فإِنّها تكفر الخطيئة، وصدقة العلانية فإِنّها تدفع ميتة السوء، وصنائع المعروف فإِنّها تقي مصارع الهوان ..."(5) . كما أن شفاعة الأنبياء والأئمّة والأولياء الصالحين تقرّب ـ أيضاً ـ إِلى الله وفق ما نصر عليه القرآن الكريم، وهي داخلة في المفهوم الواسع لكلمة "الوسيلة" ـ وكذلك إتّباع النّبي والإِمام والسير على نهجهما، كل ذلك يوجب التقرب إِلى الساحة الإِلهية المقدسة. وحتى عندما نقسم على الله بمقام الأنبياء والأئمّة والصالحين فأنّه يدلّ على حبنّا لهم والاهتمام بالدين الذي دعوا إِليه، هذا القسم يعتبر ـ أيضاً ـ واحداً من المعاني الداخلة في المفهوم الواسع لكلمة ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ الملة = شريعة الإِسلام. 2 ـ يرحضان = يطهران أو يغسلان. 3 ـ مثراة = مكثرة. 4 ـ منساة = مطيلة. 5 ـ نهج البلاغة، الخطبة 110.