[684] والقاضي يتعامل في هذا المجال وفق ما يراه مناسباً لواقع الحال، وليس وفق ما يشتهيه هو، فتارة يكون المناسب في الجريمة أن تطبق العقوبة المشددة، وأُخرى يتناسب معها تخفيف العقوبة، نظراً للظروف المحيطة والملابسات الواردة في حالة إِرتكاب الجريمة. وهذا القانون الإِسلامي الذي جاء بحق المحاربين، يتفاوت فيه اُسلوب العقاب ونوعه مع اختلاف الجريمة التي يرتكبها الفرد المحارب أو الجماعة المحاربة. وغني عن القول أنّ العقوبات المشددة التي جاء بها الإِسلام لقطاع الطريق تتوضح فلسفتها في الأهمية القصوى التي أعارها هذا الدين للدماء البريئة، لكي يحول دون إعتداء الأفراد الأشقياء الأشرار القتلة على أرواح وأموال وأعراض الناس الأبرياء(1). وفي الختام تشير الآية إِلى أن هذه العقوبات هي لفضح المجرمين في الدنيا، وسوف لا يتوقف الأمر على هذه العقوبات، بل سينالون يوم القيامة عقاباً أشد وأقسى حيث تقول الآية: (ذلك لهم خزي في الدّنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم). ويستدل من هذه الجملة القرآنية على أن العقوبات الإِسلامية الدنيوية التي يتنفذ في المجرمين لن تكون حائ دون نيلهم لعقاب الآخرة، ولكن طريق العودة والتوبة لا يغلق حتى بوجه مجرمين خطيرين كالذين ذكرتهم الآية إِن هم عادوا إِلى رشدهم وبادروا إِلى إِصلاح أنفسهم، ولكي يبقى مجال التعويض عن الأخطاء مفتوحاً تقول الآية الثانية: (إِلاّ الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أنّ الله غفور رحيم). ــــــــــــــــــــــــــــ 1 ـ إِنّ الأحكام التي تطرقنا إليها جاءت على شكل بحث تفسيري ملخص، وتفاصيل هذه الأحكام وشروطها موجود في كتب الفقه.