[678] الأرض فكأنّما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنّما أحيا الناس جميعاً). ويرد هنا سؤال وهو: كيف يكون قتل إِنسان واحد مساوياً لقتل الناس جميعاً، وكيف يكون إِنقاذ إِنسان من الموت بمثابة إِنقاذ الإِنسانية جمعاء من الفناء؟ ولقد وردت أجوبة عديدة من قبل المفسّرين على هذا السّؤال ... جاء في تفسير "التبيان" ستة أجوبة عليه، وفي "مجمع البيان" خمسة أجوبة، وفي "كنز العرفان" أربعة أجوبة، ولكن بعضاً من هذه الأجوبة يبتعد كثيراً عن معنى هذه الآية. وكما قلنا في بداية تفسير هذه الآية، فإِنّها تتحدث عن حقيقة اجتماعية يتربوية، لانّه: أوّ: إِن من يقتل إِنساناً بريئاً ويلطخ يده بدم بريء يكون ـ في الحقيقة ـ مستعداً لقتل أناس آخرين يساوونه في الإِنسانيه والبراءة، فهو ـ في الحقيقة ـ إنسان قاتل، وضحيته إنسان آخر بريء، ومعلوم أنّه لا فرق بين الأبرياء من الناس من هذه الزاوية. كما أنّ أي إِنسان يقوم ـ بدافع حب النوع الإِنساني ـ بإِنقاذ إِنسان آخر من الموت، يكون مستعداً للقيام بعملية الإِنقاذ الإِنسانية هذه بشأن أيّ إِنسان آخر، فهذا الإِنسان المنقذ يحبّ إِنقاذ الناس الأبرياء، لذلك لا فرق لديه بين إِنسان بريء وآخر مثله. ونظراً لكلمة "فكأنّما" التي يستخدمها القرآن في هذا المجال، فإِننا نستدل بأن موت وحياة إِنسان واحد، مع أنّه لايساوي موت وحياة المجتمع، إِلاّ أنّه يكون شبيهاً بذلك. وثانياً: إِنّ المجتمع يشكل في الحقيقة كياناً واحداً، واعضاؤه أشبه بأعضاء الجسد الواحد، وأنّ أي ضرر يصيب أحد اعضائه يكون أثره واضحاً ـ بصورة أو بأُخرى ـ في سائر الأعضاء، ولأنّ المجتمع البشري يتشكل من الأفراد، لذلك