[ 430 ] دوافع الصبر والاستقامة : إن العوامل والعناصر الّتي تمنح الإنسان القدرة على الصبر مقابل مشكلات الطاعة وترك المعصية أو مقابل المصائب هي كثيرة، ولكلٍّ واحد منها تأثير خاصّ في تقوية وتعميق هذه الفضيلة الأخلاقية في واقع النفس، وأهمها : 1 ـ تقوية دعائم الإيمان واليقين في القلب، وخاصّةً مع ملاحظة هذه النكتة، وهي أنّ الله تعالى هو أرحم الراحمين وهو المتكفل لرعاية مصالح عباده والعناية بهم، ومن هذا المنطلق قد يبتلي الإنسان ببعض الحوادث الّتي تكون أسرارها ومنافعها خفية على الإنسان ليقوي به روح الصبر، وهنا ينبغي الالتفات والتفكر بالثواب العظيم الّذي أعده الله تعالى للمطيعين والورعين عن ارتكاب المعاصي فإنّ ذلك من شأنه أن يرسخ في عزم الإنسان عنصر الصبر والاستقامة. ومن ذلك ما ورد عن أميرالمؤمنين(عليه السلام) قوله: "أَصْلُ الصَّبْرِ حُسْنُ الْيَقِينِ بِاللهِ"(1). وبديهي انه كلّما اشتد إيمان الإنسان وكثرت معرفته بحكمة الله ورحمته فإنّ صبره سيزداد تبعاً لذلك، وبتعبير آخر : أنّ تحمل الصبر سيكون أسهل وأيسر، ولهذا ورد في الحديث الشريف عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال لبعض أصحابه "اِنَّا صُبَّرٌ وَشِيعَتُنا اَصْبَرُ مِنّا" فقال له الراوي : جعلت فداك كيف يكون شيعتكم أصبرُ منكم ؟ فأجابه الإمام (عليه السلام)"لاَِنّا نَصْبِرُ عَلَى مَا نَعْلَمُ وَشيعَتُنا يَصْبِرُونَ عَلَى مَا لايَعْلَمُونَ"(2). 2 ـ إن تحصيل ملكة الصبر واكتساب هذه الفضيلة حاله حال الفضائل الأخلاقية الاُخرى لابدّ فيه من الممارسة والتمرن ومقابلة الحوادث الصعبة ومواجهة التحديات المفروضة على الإنسان، ولهذا ورد عن أميرالمؤمنين قوله "مَنْ تَوالَتْ عَلَيهِ نَكَباتُ الزَّمانِ اِكْسَبَتْهُ فَضيلَةُ الصَّبْرِ"(3). وبعبارة اُخرى : إن الإنسان في بداية مواجهته للمصيبة قد يصرخ ويحزن بشدّة، وكذلك 1. غرر الحكم، ح 3084. 2. اُصول الكافي، ج 2، ص 93، ح 25. 3. غرر الحكم، ح 9144.