[ 416 ] الإسلام يضعون مراكبهم وأدوات حربهم وامتعتهم في ذلك المكان. وآخر دستور إلهي في هذه الآية هو الأمر بتقوى الله الّذي هو من قبيل الخيمة الّتي تستوعب بظلّها جميع الأوامر والدساتير السابقة، فعندما يكون الصبر والمصابرة والمرابطة من أجل الله وبعيداً عن أي أشكال الرياء والأمراض الشخصية وتكون مقترنة بالتقوى فإنّ ذلك سيتسبب في الفلاح والنجاة في الدنيا والآخرة. بعض المفسّرين ذكر في تفسير "المصابرة" أنّها الصمود ومقاومة العادات والأهواء النفسانية، لانها تقف في المقابل أمام الإنسان لتمنعه من سلوك طريق الهدى والصلاح والسير في خطّ التقوى والإيمان، فيجب على الإنسان أن يقف في مقابلها بالمثل، وقالوا في تفسير "المرابطة" أنّ المراد منها هو ربط النفس بطاعة الله أو ربط القلب بالله تعالى. وقد نقل عن أحد العرفاء انه كان يتجه إلى الحجّ مشياً على الأقدام، فالتقى بأعرابي راكباً جمله فقال له الأعرابي : أين تذهب يا شيخ ؟ فقال له : إلى بيت الله الحرام. فقال : لماذا أنت راجل ؟ فقال : بل لدي مراكب كثيرة، فتعجب الأعرابي من ذلك فسألة : وما هي هذه المراكب ؟ فقال العابد : عندما تنزل عليّ مصيبة فسأركب مركب الصبر، وعندما تنزل عليّ نعمة أركب مركب الشكر، وعندما يداهمني القضاء والقدر أركب مركب الرضا، وعندما تطغى نفسي وتطلب مني شيئاً فأعلم أنّه لم يبق من عمري شيء وما مضى منه أكثر ممّا بقي. فقال الأعرابي : في الواقع أنت الراكب وأنا الراجل والسلام عليكم، فودعه وانصرف. -- "الآية التاسعة" تخاطب جميع المؤمنين بتعبير جديد وتتحرك ضمن توصيتهم بأن يلتزموا الصبر ويستعينوا بالاستقامة والتحمل في مقابل تحديات الواقع الصعبة والمشكلات المفروضة عليهم وتقول : (يَا ايُّها الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلوةِ اِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)(1). وهذه الآية لها مفهوم واسع بحيث تشمل كلّ أشكال الصبر والاستقامة، سواءٌ الصبر على 1. سورة البقرة، الآية 153.