[ 406 ] وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)(1). 14 ـ (.. وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَواْ بِالصَّبْرِ)(2). تفسير واستنتاج: اُسوة الصبر والمقاومة "الآية الاُولى" تستعرض حياة أحد الأنبياء العظام الّذي صار مثلاً للصبر والاستقامة في مواجهته للبلايا والمصائب في الحياة، في حياته الفردية والاجتماعية، ولهذا فإننا نقرأ في حالاته وسيرته المذكورة في سورة "ص" إن القرآن الكريم يضربه مثلاً للمسلمين في أوائل البعثة الّذين كانوا يعيشون التحديات الصعبة والضغوط المستمرة من قِبل المشركين في مكّة ويتعلموا منه درس الصبر والاستقامة والصمود في مواجهة المشاكل والمصاعب المفروضة عليهم. وصحيح أنّ اسم النبي أيوب (عليه السلام) أو سيرته قد وردت في عدّة سور في القرآن الكريم، ولكنَّ ما ورد في سورة "ص" يعدو شرحاً وافياً لسيرته الكريمة حيث تقول الآية 44 من هذه السورة : (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِّعْمَ ا لْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)(3). وهكذا واجه النبي أيوب (عليه السلام) مصائب عظيمة لغرض اختباره وامتحانه لمعرفة درجة شكره وطاعته لله تعالى وليصعد بهذا الطريق إلى مقامات سامية من القرب الإلهي، فقد كانت له ثروة كبيرة وبساتين وأغنام كثيرة وأبناء صالحون، ولكن كلّ ذلك فقده بين عشية وضحاها حتّى أبناءه أيضاً ونفس أيوب ابتلي بمرض شديد ومزمن إلى درجة انه كان يتلوى في فراشه من شدّة الالم الّذي أوقعه في الفراش أسيراً، ولكن أي واحد من هذه الاُمور لم يستطع أن يقلل من شكره لله تعالى، ولم يتمكن أن يخدش في صبره واستقامته في 1. سورة البقرة، الآية 155. 2. سورة العصر، الآية 3. 3. سورة ص، الآية 44.