ترفع إلى الله تعالى في الدعاء ولا تتوجه القلوب إليه فهذا فرعوني معطل جاحد لرب العالمين وان يعتقد أنه مقر به فهو جاهل متناقض في كلامه ومن هنا دخل أهل الحلول والاتحاد وقالوا إن الله في كل مكان وان وجود المخلوقات هو وجود الخالق وإن قال إن مرادي بقوله إنه ليس في جهة أنه لا تحوط به المخلوقات بل هو وجود الخالق قال أصاب في هذا المعنى وكذلك من قال إن الله متحيز أو قال ليس بمتحيز إن أراد بقوله متحيز أن المخلوقات تحوزه وتحيط به فقد أخطأ وان أراد منحاز عن المخلوقات بائن عنها عال عليها فقد أصاب ومن ليس بمتحيز إن أراد أن المخلوقات لا تحوزه فقد أصاب وإن أراد أنه ليس مباينا عنها بل هو لا داخل فيها ولا خارج عنها فقد أخطأ والناس في هذا الباب ثلاثة أصناف أهل الحلول وأهل النفي والجحود وأهل الإيمان والتوحيد والسنة .
فأهل الحلول يقولون إنه بذاته في كل مكان وقد يقولون بالإتحاد والوحدة فيقولون المخلوقات وجود الخالق .
وأما أهل النفي والجحود فيقولون لا هو داخل العالم ولا خارجه ولا مباين له ولا حال فيه ولا فوق العالم ولا فيه ولا ينزل منه شيء ولا يصعد إليه شيء ولا يتقرب منه شيء ولا يدنو منه شيء ولا يتجلى لشيء ولا يراه أحد ونحو ذلك وهذا قول متكلمة الجهمية المعطلة كما أن الأول قول عباد الجهمية فتكلمه الجهمية لا يعبدون شيئا وعباد الجهمية يعبدون كل شيء وكلامهم يرجع إلى التعطيل والجحود الذي هو قول فرعون .
وقد علم أن الله كان قبل أن يخلق السموات والأرض ثم خلعهما فإما أن يكون داخلا فيهما وهذا حلول باطل وإما أن لا يكون داخلا فيه فهو باطل وأبطل وإما ان يكون الله بائنا عنهم لم يدخل فيه وهذا قول أهل الحق والتوحيد والسنة .
ولأهل الجحود والتعطيل في هذا الباب شبهات يعارضون بها كتاب الله وسنة رسوله وما أجمع عليه سلف الأمة وأئمتها وما فطر الله عليه عباده وما دلت عليه