وليست محتاجة إليه فالعلي الأعلى رب السموات والأرض وما بينهما أولى أن يكون غنيا عن العرش وسائر المخلوقات وإن كان عاليا عليها سبحانه وتعالى كما يقول الظالمون علوا كبيرا .
والأصل في هذا الباب أن كل ما ثبت في كتاب الله أو سنة رسوله وجب التصديق به مثل علو الرب واستوائه على عرشه ونحو ذلك واما الألفاظ المبتدعة في النفي والإثبات مثل قول القائل في جهة وهو متحيز أو ليس بمتحيز ونحوها من الألفاظ التي تنازع فيها الناس فليس مع احدهما نص لا عن الرسول ولا عن الصحابة التابعين لهم باحسان ولا أئمة المسلمين فإن هؤلاء لم يقل أحد منهم إن الله في جهة ولا قال ليس هو في جهة ولا قال هو متحيز بل ولا قال هو جسم أو جوهر ولا قال ليس بجسم ولا جوهر فهذه الألفاظ ليست منصوصة في الكتاب ولا السنة ولا الإجماع والناطقون بها قد يريدون معنى صحيحا وقد يريدون معنى فاسد فمن أراد معنى صحيحا موافق الكتاب والسنة كان ذلك مقبولا منه وإن أراد معنى فاسدا مخالف الكتاب والسنة كان ذلك المعنى مردودا عليه فإذا قال القائل إن الله في جهة قيل له ما تريد بذلك أتريد أنه سبحانه في جهة موجودة تحصره وتحيط به مثل أن يكون في جوف السموات أم تريد بالجهة أمرا عدميا وهو ما فوق العالم فإنه ليس فوق العالم شيء من المخلوقات فإن أردت الجهة الوجودية وجعلت الله محصورا في المخلوقات فهذا باطل وإن أردت الجهة العدمية وأردت أن الله وحده فوق المخلوقات بائن عنها فهذا حق وليس في ذلك أن شيئا من المخلوقات حصره ولا أحاط