ثم لو وجب ذلك لكان البارى تعإلى مصنفا بمثل كل ما وجد في عالم الكون والفساد من الكائنات وذلك محال .
ولهذا انتهج بعض الأصحاب في الإثبات طريقا اخر فقال قد ثبت كون البارى تعالى عالما ومن علم شيئا يستحيل أن لا يخبر عنه بل العلم والخبر متلازمان فلا علم إلا بخبر ولا خبر إلا بعلم وهو من النمط الأول في الفساد فإنه إن ادعى ذلك بطريق العموم والشمول في حق الخالق والمخلوق فهو نفسه مصادرة على المطلوب ولا يخفى ما فيه من الركاكة والفهاهة وإن ادعى ذلك في حق المخلوق فقط فإنه وإن سلم مع إمكان النزاع فيه فليس بحجة في حق الغائب على ما سلف .
ولربما وقع الاعتماد ههنا ايضا على الطريق المشهور وهو أن البارى تعالى حي فلو لم يكن متصفا بالكلام لكان متصفا بضده وهو الخرس وذلك في البارى تعالى نقص وقد نبهنا على ما فيه من الخلل وأشرنا إلى ما يتضمنه من الزلل فيما سلف فلا حاجة إلى إعادته .
ولما تخيل بعض الأصحاب ما في طى هذه المسالك من الزيف واستبان ما في ضمنها من الحيف جعل مستنده في ذلك جملا من الأحاديث الواردة من السنة وأقاويل الأمة وهى مع تقاصرها عن ذروة اليقين وانحطاطها إلى درجة الظن والتخمين من جهة المتن