وما قيل من أنه لا حاجة إلى صفة الإرادة مع وجود العلم والقدرة فممتنع إذ القدرة هي ما يتأتى بها الإيجاد ولا محالة أن نسبتها إلى سائر الأوقات نسبة واحدة فتخصيصها للحادث بزمان حدوثه من غير مخصص مع ان نسبة الأوقات إليها نسبة واحدة لا معنى له وهو كما قيل في التخصيص بالذات من غير فرق وهذا لا ينعكس في الإرادة كما سلف فإذا لا بد من المخصص ثم لو أغنت عن الإرادة لحصول الإيجاد بها لأغنت عن العلم أيضا وكيف وأن القدرة عند الخصم في الشاهد ما يتأتى بها الإيجاد كما في قدرة المختارين بالنبسة إلى أفعالهم ومع هذا ليست كافية عن الإرادة حتى إن من كان قادرا ولم يكن مريدا ! فإنه وان حصل الإيجاد في حقه صح ان يقال ليس هو أولى من عدمه وان فعله عبث فهلا قيل مثله في حق البارى تعالى .
وليس العلم مما يصح الاكتفاء به عنها أيضا وإن لزم الحدوث في وقت الحدوث من ضرورة تعلق العلم به إذ العلم لا يحصل به التمييز ومع قطع النظر عما به التمييز فتخصيص الحادث بزمان حدوثه إذ ذاك لا يكون اولى به من غيره ثم إنه لو اكتفى به عن الإرادة لضرورة وقوع الحادث على وفقه لاكتفى به عن القدرة أيضا لهذا المعنى كيف وأنه من الجائز أن يحصل العلم في الشاهد لبعض المختارين بإخبار صادق بأنه سيفعل كذا على كذا في وقت كذا ومع ذلك فالإرادة لا تكون مستغنى عنها فقد بان من هذا أنه لا سبيل إلى القول بالإستغناء بالعلم أو القدرة عن الإرادة أصلا ولا جائز أن يقال بأن معناها هو معنى العلم أو القدرة إذ هما أعم منها من حيث أن كل مراد الله تعالى مقدور ومعلوم وليس كل معلوم أو مقدور مرادا والقول بأن الأخص هو الأعم والأعم هو الأخص محال