ومن حقق هذه القاعدة أمكنه التقصى عن قوله وما الله يريد ظلما للعباد بأن يقال المراد به إنما هو نفى الإرادة بالتكليف به لا من حيث حدوثه وكذا قوله يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر معناه الأمر باليسر ونفيه عن العسر وعلى هذا يخرج قوله وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون فإنه ليس المراد به وقوع العبادة بل الأمر بها .
وقول بعض الأصحاب في تقرير الأمر بما ليس بمراد إن ما يتعلق به الأمر والنهى إنما هو أخص وصف فعل المكلف وهو ما يصير به طائعا أو عاصيا وذلك الأخص هو ما يتعلق بكسبه ويدخل تحت قدرته وبه يتحقق معنى التكليف وهو ما جعلته المعتزلة من توابع الحدوث لا أن التكليف متعلق بأصل الفعل إذ هو فعل الله تعالى وذلك لا يجوز التكليف به إذ هو من فعل الغير والتكليف بفعل الغير تكليف بما لا يطاق فإذا ما يقع به التكليف إنما هو ما ينسب إلى فعل العبد واكتسابه وليس ذلك مرادا لله تعالى ولا داخلا تحت قدرته غير صحيح على ما سيأتي تفصيل القول فيه إن شاء الله وأما ما ذكروه من المحال الرابع .
فمبنى على فاسد قولهم إن ما سبق من الإرادة لا يكون إلا عزما مع سبق فكر وتردد ولا يخفى ما به من التحكم وهو وإن أمكن تخيله في الشاهد فإنه غير لازم في حق الغائب كما سلف