أو الكبرى لا جائز أن يكون لازما عن الكبرى إذ هي صادقة مسلمة والصادق لا يلزم عنه محال فبقى أن يكون لازما عن المقدمة الصغرى التي هي لازم نقيض المطلوب فتكون كاذبة ومهما كان نقيض المطلوب كاذبا كان المطلوب هو الصادق لضرورة أن القضية لا تخلو عن صدقها أو صدق نقيضها ويلزم منه ثبوت الإرادة .
وإن شئت أن تلبس هذا المعنى صورة شرطية قلت لو لم يتصف بالإرادة لكان أنقص مما اتصف بها لما بيناه والتالى باطل فالمقدم باطل .
فإن قيل هذا اللزوم متوقف على تحقيق الإرادة شاهدا وبم الرد على الجاحظ في إنكارها قلنا كل عاقل يجد من نفسه العزم والإرادة والقصد والتفرقة الواقعة بين الفعل الواقع على وفق الإرادة والواقع على خلافها وذلك كما في حركة المرتعش والمختار كما يجد من نفسه أن له علما وقدرة ونحو ذلك ولا يمكن إسناد ذلك إلى العلم فان التفرقة قد تحصل بين الشيئين وإن كان تعلق العلم بهما على السواء وهذا مما لا ينكره عاقل إلا عنادا ثم ولو جاز إنكار ذلك شاهدا لجاز إنكار العلم والقدرة إذ لا فرق بينهما وبين الإرادة فيما يجده الإنسان في نفسه ويحسه في باطنه .
فإن قيل فلو سلم ذلك وسلم بثبوت صفة الأرادة شاهدا فما اعتمدتم عليه منتقض بالشم والذوق واللمس وغير ذلك من كمالات الموجودات شاهدا كيف وأن ما تنسبونه له من الصفة إما أن يكون من جنس ما في الشاهد أو ليس فإن كان الأول فهو محال وإلا للزم أن تكون مشاركة للإرادة شاهدا في جهة العرضية والإمكان ويلزم أن يكون البارى محلا للأعراض وهو متعذر وإن كان الثاني فهو غير معقول وما ليس بمعقول