ألا ينصبوا إماما أيضا ليعلم الطائع من العاصى والمنقاد للأوامر والنواهى من غيره بل ولجاز إهمال بعثة الرسل وتفويض الأمر إلى أرباب العقول ليتميز أيضا المجتهد ومن له النظر فى المدارك واستنباط المسالك ممن ليس كذلك وذلك مما لا يخفى فساده كيف وأن التعيين بعد ما ثبت القول بوجوب الإمامة لازم لا محالة فهو إما أن يستند إلى النص أو الإختبار والاجماع على التعيين لا مستند له ثم كيف يجب على الناس طاعته وهو إنما صار إماما باقإمتهم له فإذا لابد وان يكون التعيين واردا من قبل الشرق وصادرا من جهة السمع وهو إنما يثبت فى حق من يدعيه دون من ينفيه هذا معتقد الشيعة وطوائف الإمامية .
وأما معتقد أهل الحق من أهل السنة وأصحاب الحديث فهو أن التعيين غير ثابت بالنص بل بالاختيار لأنه لو ورد نصا فهو إما أن يكون نصا قطعيا أو ظنيا لا جائز أن يكون قطعيا إذ العادة تحيل الاتفاق من الأمة على تركه وإهمال النظر لموجبه لما سبق وإن كان ظنيا بالنظر إلى المتن والسند أو بالنظر إلى أحدهما فادعاء العلم بالتنصيص إذ ذاك يكون محالا والاكتفاء بمحض الظن أيضا مما لا سبيل إليه ههنا لما فيه من مخالفة الإجماع القاطع من جهة العادة .
كيف وأنه لم يرد فى ذلك شئ من الأخبار ولا نقل شئ من الآثار على لسان الثقات