وللخصوم على ما ذكرناه أسئلة .
السؤال الأول .
أنهم قالوا ما ذكرتموه من كون القرآن معجزا لا بد من أن تثبتوا بطريق قطعى يقينى أنه مما ظهر على يده واقترن بدعوته اقتران التصديق والا فلا نأمن أن ذلك من خلق الأولين أو تخرصات المتأخرين .
ثم إن ذلك ولو كان مسلما فلا بد أن تبينوا وجه الإعجاز فيه وذلك يتعذر من جهة أن القرآن قد يطلق بمعنى المقروء وقد يطلق بمعنى القراءة فإن كان المقروء هو المعجز فذلك عندكم صفة قديمة قائمة بذات الرب تعالى والصفة القديمة يستحيل أن تكون معجزا إذ لا اختصاص لها بحادث دون حادث وإن كان المعجز هو القراءة التى هى فعله وكسبه فليست معجزة فانها لا تنزل منزلة التصديق له فيما يقوله كما سلف .
وأما ما ذكرتموه من وجه إعجازه فى النظم والبلاغة والفصاحة فأنتم فى ذلك مختلفون فقائل إن المعجز هو النظم دون الفصاحة وقائل الفصاحة دون النظم وقائل إن المعجز فيه صرف الدواعى عن الإتيان بمثله وقائل إن المعجز فيه هو المجموع وهذا الاختلاف مما يوجب خفاء الاعجاز فيه والمعجز يجب أن يكون وجه إعجازه ظاهرا بالنسبة إلى جل من هو معجزة بالنظر إليه ودليل عليه ظهورا لا يكون فيه شك ولا ريبة .
وما ذكرتموه من عجز بلغاء العرب عن مقابلته وكلالهم عن معارضته فإنما يتحقق