معارضته أو إبداء سورة فى مقابلته مع أنهم أهل اللسان وفصحاء الزمان لقد كانوا يبالغون فى ذلك ما يجدون إليه سبيلا لإفحام من يدعى كونه نبيا أو رسولا إذ هو أقرب بالطرق إلى إفحامه وأبلغها فى دحره وانحسامه وادراء لما ينالهم فى طاعته ومخالفته من الأوصاب وكفا لما يلحقهم فى ذلك من الأنصاب وخراب البلاد ونهب الأموال واسترقاق الأولاد .
لا سيما وقد تحدى بذلك تحدى التعجيز عن الاتيان بمثله فقال فأتوا بكتاب مثله بل بعشر سور من مثله بل سورة واحدة فلم يجدوا إلى ذلك سبيلا إلا أن منهم من وقف على معجزته وعرف وجه دلالته فواحد لم يسعه إلا الدخول فى الإيمان والمبادرة إلى الاذعان وواحد غلبت عليه الشقاوة واستحكمت منه الطغاوة فخذل بذنبه ونكص على عقبه وقال أبشرا منا واحدا نتبعه إن هذا إلا سحر مبين .
ومنهم من حمله فرط جهله وقصور عقله على المعارضة والإتيات بمثله كما نقل من ترهات مسيلمة فى قوله الفيل والفيل وما أدراك ما الفيل له ذنب طويل وخرطوم وثيل وقوله والزارعات زراعا فالحاصدات حصدا والطاحنات طحنا إلى غير ذلك من كلامه ولا يخفى ما فى ذلك من الركاكة والفهاهة وما فيه من الدلالة على جهل قائله وضعف عقله وسخف رأيه حيث ظن أن هذا الكلام الغث الرث الذى هو مضحكة العقلاء ومستهزأ الأدباء معارض لما أعجزت الفصحاء معارضته واعيه الألباء مناقضته من حين البعثة إلى زماننا هذا