لم يبق إلا قولهم إن الاضلال على الله تعالى جائز وإظهار المعجزة على يد الكاذب جائز أيضا وذلك أيضا موضع إشكال وقد أجاب عنه بعض الأصحاب فقال لو توقف العلم بتصديقه على العلم بكون المصدق له غير قاصد للإغواء وعلى كونه غير كاذب لوجب أن من حضر مجلس الملك وقد قام فيه واحد من عرض الناس فادعى الرسالة ووقعت المعجزة له من الملك على النحو المفروض ألا يحصل له العلم بصدقه مع قطع النظر عن كون الملك غير قاصد للإغواء وذلك مخالف للضرورة ومكابر للبديهة وفيه نظر .
فإذا السبيل فى الانفصال عن هذا الخيال أن يقال قد بينا أن إظهار المعجزة على يده فى مقرن دعواه وحصولها على وفق مقالته ينزل منزلة التصديق بالقول إنك صادق فيما تقول فلو كان الرسول كاذبا لكان المصدق له كاذبا وقد بينا استحالة ذلك فى حق الله تعالى فهذا مع تقرير القول بأن مقصوده إنما هو الإغواء وإلقاء الناس فى المضال والأهواء جمع بين النقيضين وذلك أنه إذا ثبت استحالة الكذب فى حق الله تعالى وأن إظهار المعجزة على يده دليل على تصديقه فى رسالته استحال كونه كاذبا مما لا معنى له إلا أنه رسول والجمع بين كونه كاذبا أى ليس برسول وبين ما يدل على انه رسول مستحيل قطعا