وأن كلامه فى نفسه واحد وذلك لا يقبل الصدق والكذب وإنما يقبل ذلك من جهة كونه خبرا والخبرية له من جهة متعلقه لا غير فلو تعلق خبره بشئ ما على خلاف ما هو عليه لم يخل إما أن يكون ذلك فى حالة الغفلة والذهول أو مع العلم به فإن كان مع الغفلة فيلزم منه إبطال الدليل القاطع على كونه عالما وإن كان ذلك مع العلم به على ما هو عليه فلا محالة ان تعلق الخبر بما هو معلوم غير مستحيل بل واجب على نحو تعلق الإرادة والقدرة بمتعلقاتها كما بيناه وعند ذلك فلو تعلق الخبر بالمعلوم على خلاف ما هو عليه لم يخل إما أن يصح تعلق الخبر به على ما هو عليه أو لا يصح فإن لم يصح فهو محال وإن صح لزم منه جواز تعلق الخبر بشئ واحد على ما هو به وعلى خلاف ما هو به وهو محال إذ الخبر يستدعى مخبرا عنه إذ الخبر ولا مخبر محال وإذا استدعى مخبرا فالواجب أن يكون متصورا فى نفسه فإن تعلق الخبر بمخبر غير متصور نازل منزلة الخبر ولا مخبر وعند ذلك فلا يخفى أن المخبر عنه ههنا غير متصور إذ الجمع بين الشئ ونقيضه محال فلا يتصور أن يقوم بنفس القائل الإخبار عنه فلو تعلق خبر البارى تعالى بالشئ على خلاف ما هو عليه للزم منه هذا المحال وهو ممتنع وهذا ظاهر لا مراء فيه ولا شبهة أو ظن يعتريه وإذا ثبت امتناع قيام الخبر الكاذب بنفس البارى وأن إظهار المعجزة على يد النبى نازل منزلة الإخبار بالتصديق فلو لم تكن دالة على وفق ما قام بالنفس من الخبر الصادق وإلا لما كانت نازلة منزلة التصديق وهو ممتنع لما سبق .
وأما ما ذكروه من جواز اطرادها وإظهارها على يد غيره أو يده فذلك مما لا يقدح فى دلالتها على صدقه وأن اقترانها بدعوته وهى من قبيل الخوارق للعادات نازل منزلة التصديق له فيما يقوله ويتحدى به بحيث تركن النفوس إليه وتطمئن القلوب بما دعا إليه من غير مداخلة شك ولا ريب فإنه لم يتحد بأن معجزته مما لا تطرد