وذلك محال وليس انتفاء دليل الإثبات فى بعض الأوقات دليلا على إيجاب النفى بخلاف دلالته فى حالة الإثبات فلا تعارض وعليك بمراعاة هذه الدقيقة والإشارة إلى هذه الحقيقة .
فإن قيل تعلق العلم بتصديق مثل هذا في الشاهد ينبنى على قرائن الأحوال كالأفعال والأقوال من المرسل وذلك مما يتعذر الوقوف عليه في حق الغائب فلا يصح التمثيل ثم وإن صح ذلك فى حق الغائب وأن ذلك نازل منه منزلة التصديق بالقول لكن ذلك إنما يدل على صدقه أن لو استحال الكذب فى حكم الله تعالى وذلك إما أن يدرك بالعقل أو السمع لا سبيل إلى القول باستحالته عقلا إذ قد منعتم أن يكون الحسن والقبح ذاتيا ولا سبيل إلى إدراكه بالسمع إذ السمع متوقف على صحة النبوة متوقفة على استحالة الكذب فى حكم الله فلو توقف ذلك على السمع كان دورا ممتنعا .
قلنا المقصود من ضرب المثال ليس إلا تقريب الصور من الخيال وإلا فالعلم بصدق المتحدى بالنبوة عند اقتران المعجز الخارق للعادة بدعواه واقع لكل عاقل بالضرورة فإنه إذا قال أنا رسول خالق الخلق إليكم ويعضد ذلك بما يعلم أنه لا يقدر على إيجاده أحد من المخلوقين ولا يتمكن من إحداثه شئ ما الحادثات علم أن مبدعه وصانعه ليس إلا مبدع العالم وصانعه وذلك عند كل لبيب أريب منزل منزلة التصديق له بالقول على نحو ما ضربناه من المثال ومن جرد نظره إلى هذا القدر من الاستدلال في الشاهد أيضا وجد من نفسه أن المدعى صادق فى المقال وإن قطع النظر عن قرائن الأحوال