المدلول واحد وهو لا يسمى عبثا كيف وإنا قد بينا ان العبث والقبح منفى عن واجب الوجود في جميع افعاله .
ثم نقول إن الرسول لا يأتى إلا بما لا تستقل به العقول بل هى متوقفة فيه على المنقول وذلك كما في مسالك العبادات ومناهج الديانات والخفى مما يضر وينفع من الأقوال والأفعال وغير ذلك مما تتعلق به السعادة والشقاوة فى الأولى والأخرى وتكون نسبة النبى إلى تعريف هذه الأحوال كنسبة الطبيب إلى تعريف خواص الادوية والعقاقير التى يتعلق بها ضرر الأبدان ونفعها فإن عقول العوام قد لا تستقل بدركها وإن عقلتها عندما ينبه الطبيب عليها وكما لا يمكن الاستغناء عن الطبيب في تعريف هذه الأمور مع أنه قد يمكن الوقوف عليها والتوصل بطول التجارب إليها لما يفضى إليه من الوقوع في الهلاك والأضرار لخفاء المسالك فكذلك النبى وبهذا التحقيق يندفع ما وقعت الإشارة إليه من الشبهة الثالثة أيضا .
فإن قيل إن تخصيص هذا الشخص بالتعريف دون غيره من نوعه ميل إليه وحيف على غيره وهو قبيح قلنا فعلى هذا يلزم التسوية بين الخلائق فى أحوالهم وألا تفاوت بين أفعالهم بحيث لا يكون هذا عالما وهذا جاهلا ولا هذا زمنا وهذا ماشيا ولا هذا أعمى وهذا بصير إلى غير ذلك من أنواع التفاوت في الكمالات وحصول الملاذ والشهوات وإلا عد