فعدم اقترانها به فى بعض الأوقات دليل على كذبه وليس أحد الأمرين بأولى من الآخر والذى يدل على ذلك أنا ألفينا كل مدع قد اباح ما تحظره العقول مثل ذبح الحيوان وإيلامه وتسخيره ومثل السعى بين الصفا والمروة والطواف بالبيت وتقبيل الحجر والعطش فى أيام الصيام والمنع من الملاذ التى بها صلاح الأبدان وذلك كله قبيح والقبيح لا يأمر به الحكيم فهم فيما ادعوه كاذبون وفيما انتحوه متخرصون .
ثم وإن قارنت لدعواه في جميع الأوقات ولم توجد فى غيرها من الحالات فهى مما لا تمييز فيها عن الكرامات والسحر والطلسمات وغير ذلك من العلوم كالسحر والتنجيم من الأفعال العجيبة والأمور المعجزة الغريبة التى لا وقوع لها فى جميع الاوقات ولا سبيل إليها في سائر الحالات بل هى على نمط المعجزات والأمور الخارقة للعادات ومع جواز أن يكون ما أتى به من هذا القبيل فليس على القول بصدقه تعويل .
ثم وان تميز ما أتى به عن هذه الأحوال وتجرد عن هذه الأفعال فلا محالة أن من أصلكم جواز انقلاب العوائد واطراد ما لم يعهد وعند اطرادها فلا يخفى أنها تخرج عن أن تكون معجزة لكونها لا اختصاص لها به وإذا كان كذلك فما الذى يؤمننا من اطراد معجزته وعموم وقوعها بعد تحديه بنبوته .
ثم ولو قدر عدم اطرادها فذلك أيضا مما لا يدل على صدقة بل لعله كاذب في دعوته والبارى تعالى مريد لضلالنا برسالته وأن ما يدعو اليه من الخير هو عين الشر وما ينهى