وأعلم ان مبنى هذا الكلام إنما هو على فاسد أصول الخصوم في الحسن والقبح ورعاية الصلاح والأصلح ووجوبه وقد سبق إبطاله بما فيه مقنع وكفاية .
وأما الغلاة من النفاة .
الجاحدين لوجوب الوجود فإنهم قالوا النبوة ليست من صفة راجعة إلى نفس النبى بل لا معنى لها الا التنزيل من عند رب العالمين وعند ذلك فالرسول لا بد له أن يعلم أنه من عند الله تعالى وذلك لا يكون الا بكلام ينزل عليه أو بكتاب يلقى إليه إذ المرسل ليس بمحسوس ولا ملموس وما الذى يؤمنه من أن يكون المخاطب له ملكا او جنيا وما ألقى إليه ليس هو من عند الله تعالى ومع هذه الاحتمالات فقد وقع شكه في رسالته وامتنع القول الجزم بنبوته .
ثم إن ما يكلمه وينزل عليه إما أن يكون جرمانيا أو روحانيا فإن كان جرمانيا وجب أن يكون مشاهدا مرئيا وإن كان روحانيا فذلك منه مستحيل كيف وأن ما جاء به لم يخل إما أن يكون مدركا بالعقول أو غير مدرك بها فإن كان الأول فلا حاجة إلى الرسول بل البعثة تكون عبثا وسفها وهو قبيح في الشرع وإن كان الثانى فما يأتى لا يكون مقبولا لكونه غير معقول فالبعثة على كل حال لا تفيد