فإن قيل إن هذه الآية محمولة على حالة التوبة ومخصوصة بها وهذا وإن كان على خلاف الظاهر لكن يجب القول به محافظة على ما ذكرناه من الظواهر إذ ليس تخصيص ما ذكرناه محافظة على الظاهر بأولى من العكس بل هو الاولى لما فيه من تخصيص ظاهر واحد بظواهر متعددة ثم إن في الآية ما يدل على أن المغفرة والشفاعة لا تحصل إلا أن تتعلق المشيئة بمفغرته وإلا لما كان لتخصيص المغفرة بحالة المشيئة معنى وذلك مما يوجب خلود بعض المذنبين وهو خلاف ما تعتقده .
قلنا أما ما ذكروه من جهة التخصيص فحمل دلالة الآية عليها ممتنع وذلك أن العفو والغفران حالة التوبة عندهم واجب جزم ولازم حتم وهو مما يمنع تعليقه بالمشيئة وأيضا فإنه فرق في الآية بين المعصية بالكفر وغيره في حالة التوبة فالفرق غير متحقق لا محالة فلو صح ما ذكروه من جهة التخصيص لم يلزم تخصيص عموم الآية بما دون الكفر من المعاصى وتأويل الظواهر لما ذكروه من الظواهر كيف وأن ما ذكروه من الظواهر فمنهم من قيدها بفعل الكبائر دون الصغائر ومنهم من زادها تقييدا حتى اشترط في ذلك زيادة مقدار الكبيرة على ما له من الحسنات وبالجملة فلا ريب في تخصيصها بما بعد التوبة وليس شئ من ذلك متحققا فيما ذكرنا من الظواهر فالمحافظة عليه يكون أولى لا سيما وأن ما من ظاهر أبدوه إلا وقد اقترن بما يدل على تخصيصه بما نذكره فإن مخالفة جميع الحدود وتعديها وإحاطة الخطيئة من كل وجه إنما يتحقق في حق الكافر