ولربما قرر بتقرير آخر وهو أن العالم ممكن والممكن جائز الوجود وجائز العدم لا جائز الوجوب وجائز الامتناع فاستفادته من المرجح ليس إلا وجوده لا وجوبه إذ الوجوب عارض للوجود ولهذا يصح أن يقال وجد فوجب ولا يصح أن يقال وجب فوجد وإذا كان الوجوب عارضا للوجود فالمستند إلى المرجح إنما هو الوجود لا ما عرض له فعلى هذا إذا قيل إن الممكن وجد بإيجاد غيره كان مستقيما لفظا ومعنى وإذا قيل إنه وجب بايجاب بغيره كان مختلا لفظا ومعنى وإذا بطل أن يكون المستفاد من المرجح هو الوجوب بطل الإيجاب الذاتى للملاءمة بين وجود المفيد والمستفيد .
ولقد فر مما لا طاقة له به إلى ما لا قبل له به وذلك أنه إن أراد بالتغير التغير في كل أجزاء عالم الكون والفساد والتبدل بالوجود بعد العدم والعدم وبعد الوجود فذلك مما لا سبيل إلى ادعائه غائبا بطريق العموم والشمول وإن صح ذلك في بعض الجواهر الصورية وبعض الأمور العرضية ومع امتناع إسناد ذلك إلى العيان لا بد فيه من البيان .
وإن أراد به التغير في أحوال الموجودات وما يتعلق بها من التغيرات فقد التزم في ذلك ما فر منه أولا وهو بيان انتفاء موجود لا يقبل التغير أصلا وذلك كما أثبته الخصم من العقول الكروبية والنفوس الروحانية وبيان وجود الأعراض وحدثها وانتهائها وامتناع عرو الجواهر عنها حتى يصح القول بحدث الجواهر بأصلها وكونها ممكنة الوجود في نفسها وإلا فلا يلزم من قيام شئ متغير بشئ أن يكون ذلك الشئ في نفسه متغيرا وإذا لم يكن متغيرا فقد انتفى عنه ما جعله مستندا