ثم نظم لذلك قياسا مركبا منفصلا فقال العالم متغير ومتكثر وكل متكثر ومتغير فهو ممكن الوجود بذاته وكل ممكن الوجود بذاته فوجوده بإيجاد غيره فوجود العالم بإيجاد غيره وذلك الغير يستحيل أن يكون مرجحا بذاته لثلاثة أوجه .
الوجه الأول أن الوجود والذات لا اختلاف فيهما بين موجود وموجود وهما في الواجب والجائز بمعنى واحد فلو أوجب الوجود من حيث إنه ذات ووجود لم يكن إيجاده لغيره بذلك الاعتبار بأولى من وجوده هو بغيره بناء على ما اشتركا فيه من ذلك الاعتبار .
الوجه الثانى هو أن الجائزات بأسرها متماثلة من حيث هى جائزة وهى لم تكن مفتقرة إلى المرجح إلا من حيث ما وقع بينها من الاشتراك في جهة الإمكان والموجب بالذات لا يخصص مثلا عن مثل إذ نسبة سائر المتماثلات إليه على وتيرة واحدة .
والوجه الثالث هو أن الواجب بذاته مهما لم يكن بينه وبين الموجب مناسبة أو تعلق ما بل انفرد كل واحد بحقيقته وخاصيته لم يقض العقل بصدور أحدهما عن الآخر أصلا ولا محالة أن البارى تعالى منفرد بحقيقته عن جميع المناسبات والتعلقات فإيجاده لغيره بالذات لا يكون معقولا .
فإذا قد امتنع الإيجاد بالذات وتعين أن يكون بصفة زائدة بها التخصيص وهى المعنى بالإرادة ومع ذلك فلا يلزم القول بلزوم القدم