كان أليق بحكمته وأقرب إلى رأفته من أن يعذبهم بالنيران ويحرمهم نعيم الجنان فإنا قد وجدنا المديح للغافر لا سيما في حق من لا يتضرر بالغفران ولا ينتفع بالانتقام بل هما بالنسة إلى جلال عظمته وقدوس صمديته سيان فما باله استأثر بالأنتقام على الإنعام بالغفران وبالعقاب على الامتنان .
بل لا يحسن في العقل في معرض المجازاة مقابلة معصية واحدة بالخلود في العذاب المقيم الأبدى السرمدى بل لو قيل إن العقل يقبح ذلك لقد كان هو الأليق فانظر إلى هؤلاء كيف تخبطوا في الحقائق لقصور أفهامهم وضلوا في ظلمات أوهامهم واشكر الله على ما منحك مما حرم منع غيرك إن الله يجزى الشاكرين .
وما هول به من أن انتفاء الحكمة غير لازم من عدم تعلق العلم بوجودها فصحيح لكن المدعى ههنا إنما هو تعلق العلم بعدمها على ما شهد به العقل الصريح وفرق بين عدم تعلق العلم بوجود الشئ وبين تعلق العلم بعدم الشئ إذ الوجود مع الأول متصور ومع الثانى ممتنع .
فقد تحقق من هذه الجمل أن الغرض والصلاح ووجوب رعايته ممتنع في حق واجب الوجود والذى يشهد بذلك ويؤكده ما أسلفناه من الإلزامات وقدمناه من الإشكالات في اعتبار إيجاب النوافل واعتبار إيجاب رعاية الصلاح والأصلح في الشاهد وما ذكروه من الفرق فهو يرجع على قاعدتهم في إيجاب الطاعة والشكر على العبيد بالإبطال وإن نظر إلى ما يستحقه من الثواب في مقابلته فهو باطل لما أثبتناه ومع بطلانه فلم لا قيل به في محل الإلزام وما الفرق بين الصورتين وما الفاصل