وأما إن كانت الجهة موجودة فهى إما قديمة او حادثة لا جائز أن تكون قديمة وإلا أفضى إلى اجتماع قديمين وهو محال ومع كونه محالا فهو خلاف مذهب الخصم ولا جائز ان تكون حادثة وإلا كان البارى محلا للحوادث وهو محال .
ولا يخفى ما في هذا المسلك من التهافت فإنه وإن سلم أن الجهة موجودة وانها ليست قديمة بل حادثة وانه يستحيل قيام الحوادث بذات الرب تعالى فلا يلزم من كونه في الجهة ومن كونها حادثة ان تكون حالة في ذاته وان تكون ذاته محلا لها بل المعنى بكونه في الجهة عند الخصم غير خارج عن النسبة الإضافية والأمور التقديرية وذلك مما لا يوجب قيام صفة بالذات إذ لا يلزم من كون شيئين وجود أحدهما مضاف إلى وجود الآخر من جهة ما أن يكون أحدهما قائما بالآخر أصلا وهو على نحو كونه خالقا ومبدعا وغير ذلك .
ولهذا لما تخيل بعض الأصحاب فساد هذا الطريق وانحرافه عن جادة التحقيق مر في القول بنفى الجهة إلى مسلك آخر وقال .
لو كان في جهة لم يخل اما أن يكون في كل جهة أو في جهة واحدة فإن كان في كل جهة فلا جهة لنا الا والرب فيها وهو محال وإن كان في جهة مخصوصة فإما أن يستحقها لذاته أو لمخصص لا جائز أن يستحقها لذاته إذ نسبة سائر الجهات اليه على وتيرة واحدة فإذا لا بد من مخصص وإذ ذاك فالمحال لازم من وجهين