ما قد عرف أن من أصولنا كونه سميعا بصيرا فيما لم يزل والمتجدد ليس إلا تعلق الإدراك بالمدركات إذ شرط تعلق الإدراك بالمدركات وجود المدركات فإذا وجدت تعلق بها أما أن يكون المتجدد هو نفس الإدراك فلا يخفى أن ما قضى بتجدده ليس صفة قائمة بذات الرب تعالى فتجدده لا يلزم منه محال .
وليس القول بوجود الإدراك مع عدم المدرك بمستبعد فانه لا يتقاصر عن قول الخصم بأن ما يحصل به الإدراك من الصفة الحادثة في الذات يبقى وإن زالت المدركات وعدمت على ما عرف من أصله ومع الاعتراف بجواز الاتصاف بالإدراك وان زال المدرك لا يرد الإشكال إذ لا فرق عند كون الشئ مدركا مع عدم المدرك بين ان يكون المدرك قد تحقق له وجود أم لا على نحو ما حققناه في العلم .
وإذا ثبت امتناع قيام الحوادث بذات الرب تعالى فقد بنى بعض الأصحاب على ذلك امتناع كونه في الجهة وصيغته أن قال .
لو كان البارى في جهة لم تخل الجهة إما أن تكون موجودة أو معدومة فإن كانت معدومة فلا جهة إذ لا فرق بين قولنا إنه في جهة معدومة وبين قولنا إنه لا في جهة إلا في مجرد اللفظ ولا نظر إليه