ما به الاتفاق والافتراق معا أو الافتراق فقط إذ المصحح يكون في الجملة مختلفا والحكم الواحد في المعقولات يستحيل أن تكون له علل مختلفة أو يكون المعلول أعم منه فبقى أن يكون المصحح ما به الإتفاق فقط وما تخيل الاشتراك فيه بين الجواهر والأعراض ليس إلا الوجود والحدوث لا غير والحدوث لا يصلح أن يكون هو المصحح لتعلق الادراك بالشئ فإنه قد يدرك لا في حالة حدوثه كيف وأن بعض الجواهر وبعض الإعراض حادثة عند الخصم و لا يتعلق بها الإدراك فيمتنع أن يكون هو المصحح ثم إن معنى الحدوث ليس إلا كون الشئ موجودا بعد العدم أي لم يكن فكان أو أنه ما لا يتم وجوده بنفسه وكل هذه سلوب واعدام لا سبيل إلى القول بتعلق الإدراك بها فبقى أن يكون المصحح للإدراك إنما هو الوجود فقط وواجب الوجود موجود فوجب القول بجواز تعلق الإدراك به .
وهذا الإسهاب أيضا مما لا يشفى غليلا إذ القول بأن الرؤية لا بد لها من مصحح إما أن يراد به الفاعل أو القابل أو الغاية منه فلا معنى لحصره فيما اختلفت فيه القوابل واتفقت بل جاز أن يكون الفاعل امرا خارجا وسواء كان تأثيره وفعله بالطبع أو الارادة وعند ذلك فلا بد من أن يتبين تحقق مثله في جانب تعلق الرؤية بواجب الوجود حتى يصح كيف وانه لا يصح ذلك بمجرد تحقق الفاعل مع تعذر القابل ولهذا قالت الخصوم من الإلهيين إن العقل لنفوس العالم علة فاعلية والمعلول متوقف على اعتدال المادة وتهيئها لقبوله فلا بد مع الاشتراك في الفاعل من تحقق وجود القابل لا محالة ثم ولو قدر انحصار الفاعل فيما وقع به الاختلاف والاتفاق في القوابل فلا يمتنع أن يكون