وقولكم إنه لو كانت العلل والمعلولات غير متناهية فكل واحد منها ممكن باعتبار ذاته فبم الرد على من إشترط في ممكن الوجود أن لا يكون موجودا وأن الشئ مهما اتصف بالوجود فهو ضرورى الوجود وضرورى الوجود لا يكون ممكنا فإن قيل له ممكن فبالاشتراك وليس هذا تسليم المطلوب فإن كون الشئ ضرورى الوجود أعم من الضرورة الثابتة لذاته ومع التسليم بكونها ممكنة فما ذكرتموه في أن لا نهاية غير مستقيم أما ما ذكرتموه في طرف التعاقب فغير مطرد وذلك أنا لو فرضنا حادثا بعد العدم فإما أن يقال إن له قبلا كان فيه معدوما أو ليس لا جائز أن يقال انه لم يكن له قبل كان فيه معدوما وإلا لما كان له أول وهو خلاف الفرض وإن كان له قبل هو فيه معدوم فذلك القبل إما موجود أو معدوم لا جائز أن يكون معدوما وإلا لما كان له قبل إذ لا فرق بين قولنا إنه لا قبل له وبين قولنا إن قبله معدوم فبقى أن يكون موجودا ثم ما قبل يفرض إلا وهو مسبوق بقبل آخر إلى ما لا نهاية له على هذا النحو فإذا قد ثبت وجودات لا نهاية لأعدادها وإن كانت متعاقبة وكل واحد مسبوق بعدمه وبه تبين كذب ما ذكرتموه من القياس وأما معتمد القائلين بالإيجاد بالعلية فطريق الرد عليهم ما هو طريق لكم في الرد عليهم كما يأتي فيما بعده .
وأما ما ذكرتوه في طرف المعية ووجوب الانتهاء فيها إلى موجود وجوده لذاته فذلك الموجود لا يخلو إما أن يكون ممكنا أو ليس بممكن فإن كان ممكنا فهو من الجملة وليس بواجب وإن لم يكن ممكنا فما ليس بممكن ليس بواجب وبهذا يندفع ما ذكرتموه في جانب الانتهاء إلى موجود هو مبدأ الموجودات أيضا