ضرورة وجود حقيقة الكلام أن يكون أمرا ونهيا وخبرا واستخبارا ونحوه من أقسام الكلام وإلا فمع قطع النظر عن هذه الأقسام لا سبيل إلى تعلق وجود الكلام وإذا كان الأمر على هذه المثابة فلا محالة أن هذه الأقسام مختلفة الصفات متباينة في الخواص والمميزات وعند هذا فإما أن تكون هذه الخواص المتمايزة والصفات المختلفة داخلة في حقيقة الكلام أو خارجة عنه فإن كانت داخلة فيه فهو محال وإلا كانت الحقيقة الواحدة لها ذاتيات مختلفة متنافرة إذ خاصة الأمر يتعذر القول بمجامعتها لخاصة النهى وكذا في سائر خواص أقسامه وإن كانت خارجة عن حقيقة الكلام فقد لزم القول بثبوت صفات زائدة على ما دل عليه الدليل ولزمكم المحذور .
ثم إن هذه الصفات الزائدة لا جائز أن تكون لحقيقة واحدة لا تعدد فيها على نحو ثبوت الضحك والبكاء للإنسان لكونها متنافرة متعاندة على ما سلف فبقى أن تكون معتددة لا محالة وسواء كان تعددها تعدد الأشخاص أو الأجناس فإن ذلك يوجب نقض ما ذكرتموه وإبطال ما سلكتموه ولربما استندوا في بيان التعدد إلى ما أوردوه في نفى الكلام عن الذات من الإجماعات والظواهر من السنن والآيات الدالة على كون القرآن مؤلفا من حروف وأصوات وأنه مرتب من سور وآيات ومجموع من كلمات .
والجواب أنا نقول تعدد أقسام الكلام واختلاف أسمائه من الأمر والنهى وغير ذلك ليس هو له باعتبار تعدد في نفسه أو اختلاف صفات في ذاته أو لذاته