معه هذه الطاقة وضد هذا العجز .
واعلم أن على هذه المسألة ينبني مسألة تكليف مالا يطاق فمن قال إن القدرة لا تكون إلا مع الفعل كالأشعري وغيره يقول كل كافر وفاسق قد كلف مالا يطاق لأن من سبق في علم الله أنه لا يؤمن لا يقدر على الإيمان أبدا .
وبعضهم قال هذا تكليف بالمستحيل وكنت مشيت على هذا في كتابي البرهان في تفسير القرآن في أول سورة البقرة عند قوله تعالى سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ومن قال أن القدرة المشروطة في التكليف تكون قبل الفعل وبدون الفعل وقد تبقى إلى حين الفعل والقدرة المستلزمة للفعل لابد أن تكون موجودة عند وجوده يقول إنه لم يكلف ما لا يطاق قال بل كلف ما أطاق قال ابن تيمية وهذا قول جمهور أهل السنة وأئمتهم فإن الله تعالى قد أوجب الحج على المستطيع حج أو لم يحج وأوجب صيام الشهرين في الكفارة على المستطيع كفر أو أم لم يكفر وأوجب الإسلام على الكافر أسلم أو لم يسلم وأوجب العبادات على القادرين دون العاجزين فعلوا أو لم يفعلوا .
ثم أعلم أن تكليف ما لا يطاق ينقسم إلى قسمين .
أحدهما ما لا يطاق للعجز عنه بطريق الآلات كتكليف المقعد القيام والمشي وتكليف الإنسان الطيران والأعمى نقط المصاحف فهذا غير واقع في الشريعة ولم يكلف الله به أحد .
ثانيهما تكليف ما لا يطاق للاشتغال بضده مع سلامة الآلات كتكليف الكافر الإيمان مع سبق علم الله بإنه لا يؤمن والتكليف بهذا واقع بالاتفاق فاشتغال الكافر بالكفر هو الذي صده عن ضده الذي هو الإيمان