وأما حين الفعل فزعموا أنه حينئذ لا يكون قادرا لأن القادر لابد أن يقدر على الفعل والترك وحين الفعل لا يكون قادرا على الترك فلا يكون قادرا وأهل السنة يقولون لابد أن يكون قادرا حين الفعل ويكون أيضا قادرا قبل الفعل وقال طائفة منهم لا يكون قادرا إلا حين الفعل وهؤلاء يقولون إن القدرة لا تصلح للضدين فإن القدرة المقارنة للفعل لا تصلح إلا لذلك الفعل وهي مستلزمة له لا توجد بدونه فإن المقارن للشيء مستلزم له لا يوجد مع عدمه فإن وجود الملزوم بدون اللازم ممتنع وهذا قالته القدرية بناء على أصلهم الفاسد وهو أن إقدار الله المؤمن والكافر والبر والفاجر سواء فلا يقولون أن الله خص المؤمن المطيع بإعانه حصل بها الإيمان بل يقولون إن إعانته للمطيع والعاصي سواء ولكن هذا بنفسه رجح الطاعة كالوالد الذي أعطى كل واحد من ابنيه سيفا فهذا جاهد به في سبيل الله وهذا قطع به الطريق أو أعطاهما مالا فهذا أنفقه في طاعة الرحمن وهذا أنفقه في طاعة الشيطان وهذا القول فاسد بأتفاق أهل السنة والجماعة فإنهم متفقون على أن لله على عبده المؤمن المطيع نعمة دينية خصه بها دون الكافر وانه أعانه على الطاعة إعانة لم يعن بها الكافر كما قال تعالى ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم الآية وقال فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام والآيات في مثل هذا كثيرة تبين اختصاص عباده المؤمنين بالهدى والايمان والعمل الصالح والعقل يدل على ذلك أيضا فأنه إذا قدر أن جميع الأسباب الموجبة للفعل من الفاعل كما هي في التارك كان إختصاص الفاعل بالفعل ترجيحا لأحد المثلين على الآخر بلا مرجح وذلك معلوم الفساد بالضرورة وهذا هو الأصل الذي بنوا عليه إثبات الصانع فإن قدحوا في ذلك انسد عليهم طريق إثبات الصانع وغايتهم أن قالوا القادر