بمعنى أنه خلقه منها لم يكن بينهما تناقض قال فالحوادث تضاف إلى خالقها بأعتبار وإلى اسبابها بأعتبار كما قال تعالى هذا من عمل الشيطان وقال وما أنسانيه إلا الشيطان مع قوله قل كل من عند الله وأخبر تعالى أن العباد يفعلون ويصنعون ويعملون ويؤمنون ويكفرون ويفسقون ويتقون ويصدقون ويكذبون .
وقال في موضع آخر إن أئمة أهل السنة يقولون إن الله خالق أفعال العباد كما أن الله خالق كل شيء وإنه تعالى خالق الأشياء بالأسباب وإنه خلق للعبد قدرة بها يكون فعله وإن العبد فاعل لفعله حقيقة فقولهم في خلق فعل العبد بإرادته وقدرته كقولهم في خلق سائر الحوادث بأسبابها وقد دلت الدلائل اليقينية على أن كل حادث فالله خالقه وفعل العبد من جملة الحوادث وكل ممكن يقبل الوجود والعدم فإن شاء الله كان وإن لم يشأ لم يكن وفعل العبد في جملة الممكنات .
قال وجمهور المسلمين وجمهور طوائفهم على هذا القول الوسط الذي ليس هو قول المعتزلة ولا قول جهم بن صفوان وأتباعه الجبرية فمن قال إنو شيئا من الحوادث أفعال الملائكة والجن والإنس لم يخلقها فقد خالف الكتاب والسنة وإجماع السلف والأدلة العقلية ولهذا قال بعض السلف من قال أن كلام الآدميين وأفعال العباد غير مخلوقة فهو بمنزلة من يقول إن سماء الله وأرضه غير مخلوقة وبالجملة فقول محققي أهل السنة إن الله تعالى خلق قدرة العبد وإرادته وفعله ويقولون إن العبد فاعل لفعله حقيقة ومحدث لفعله والله سبحانه جعله فاعلا له محدثا له قال تعالى