تيمية إن الجهم كان يقول لا أثر لقدرة العبد أصلا في فعله وكان يثبت مشيئة الله وينكر أن يكون له حكمة رحمة وينكر أن يكون للعبد فعل أو قدرة مؤثرة قال وحكى عنه أنه كان يخرج إلى الجذمى ويقول أرحم الراحمين يفعل هذا إنكارا لأن يكون له رحمة يتصف بها سبحانه زعما منه أنه ليس إلا مشيئة محضة لا اختصاص لها بحكمة بل يرجع أحد المتماثلين بلا مرجح .
قال ابن تيمية وجمهور أهل السنة المثبتة للقدر من جميع الطوائف يقولون إن العبد فاعل لفعله حقيقة وإن له قدرة حقيقة واستطاعة حقيقة ولا ينكرون تأثير الأسباب الطبيعية بل يقرون بما دل عليه الشرع والعقل من أن الله يخلق السحاب بالرياح وينزل الماء بالسحاب وينبت النبات بالماء ولا يقولون أن القوى والطبائع الموجودة في المخلوقات لا تأثير لها بل يقرون بأن لها أثر لفظا ومعنى لكن يقولون هذا التأثير هو تأثير الأسباب في مسبباتها والله تعالى خالق السبب والمسبب ومع أنه خالق السبب فلا بد للسبب من سبب آخر يشاركه ولابد من معارض يمانعه فلا يتم اثره إلا مع خلق الله له بأن يخلق الله السبب الآخر ويزيل الموانع فالمسببات حينئذ يجب وجودها عند وجود أسبابها بمعنى أن الله تعالى يحدثها حينئذ ويشاء وجودها وقال في موضع آخر الأعمال والأقوال والطاعات والمعاصي هي في العبد بمعنى أنها قائمة به وحاصله بمشيئته وقدرته وهو المتصف بها والمتحرك بها الذي يعود حكمها عليه وهي من الله تعالى بمعنى أنه خلقها قائمة بالعبد وجعلها عملا له وكسبا كما يخلق المسببات بأسبابها فهي من الله مخلوقة له ومن العبد صفه قائمة به واقعة بقدرته وكسبه كما إذا قلنا هذه الثمرة من الشجرة وهذا الزرع من الأرض بمعنى أنه حدث منها ومن الله