أو كان مصرا على الظلم فنهوه عن ذلك فقال لو شاء الله لم أفعل هذا لم يقبلوا منه هذه الحجة ولا هو يقبلها من غيره وإنما يحتج به المحتج رفعا للوم بلا وجه ولهذا قال الله لهم قل هل عندكم من علم بإن هذا الشرك والتحريم من أمر الله وأنه مصلحة ينبغي فعله إن تتبعون إلا الظن فإنه لا علم عندكم بذلك إن تظنون ذلك إلا ظنا وإن أنتم إلا تخرصون تحزرون وتفترون فعمدتكم في نفس الأمر ظنكم وخرصكم واتباع أهوائكم لا كون الله شاء ذلك وقدره فإنه أمر غائب عنا ولأن مجرد المشيئة والقدر لا يكون عمدة لأحد في الفعل ولا حجة به لأحد على أحد إذ الناس كلهم مشتركون في القدر فلو كان هذا حجة لم يحصل فرق بين العادل والظالم والصادق والكاذب والعالم والجاهل والبر والفاجر ولم يكن فرق بين ما يصلح الناس في الأعمال وما يفسدهم وما ينفعهم ويضرهم وهؤلاء المشركين إنما يحتجون بالقدر على ترك ما أرسل الله به رسله في توحيده والإيمان به ولو أحتج به بعضهم على بعض في إسقاط حقوقه ومخالفة أمره لم يقبله منه بل كان هؤلاء المشركون المحتجون بالقدر يذم بعضهم بعضا ويعادي بعضهم بعضا ويقاتل بعضهم بعضا على فعل ما يرونه تركا لحقهم أو ظلما لهم فلما جاءهم الرسول يدعوهم إلى حق الله على عباده