ذرة شرا يره وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأباح لكل أحد أن يتناول من الطيبات ما شاء أكلا وشربا ولباسا وزينة ولم يحظر عليه إلا ما كان ضارا بنفسه أو بمن يدخل فى ولايته أو ما تعدى ضرره إلى غيره وحدد له فى ذلك الحدود العامة بما ينطبق على مصالح البشر كافة فكفل الاستقلال لكل شخص فى عمله واتسع المجال لتسابق الهمم فى السعى حتى لم يعدلها عقبة تتعثر بها اللهم إلا حقا محترما ما تصطدم به .
أنحى الإسلام على التقليد وحمل عليه حملة لم يردها عنه القدر فبددت فيالقه المتغلبة على النفوس واقتلعت أصوله الراسخة فى المدارك ونسفت ما كان له من دعائم وأركان فى عقائد الأمم صاح بالعقل صيحة أزعجته من سباته وهبت به من نومه طال عليه الغيب فيها كلما نفذ إليه شعاع من نور الحق خلصت إليه هينمة من سدنة هياكل الوهم نم فان الليل حالك والطريق وعرة والغاية بعيدة والراحلة كليلة والازواد قليلة علا صوت الإسلام على وساوس الطغام وجهر بأن الانسان لم يخلق ليقاد بالزمام ولكنه فطر على أن يهتدى بالعلم والاعلام أعلام الكون ودلائل الحوادث وإنما المعلمون منبهون ومرشدون إلى طرق البحث ما دون صرح فى وصف أهل الحق بأنهم الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه فوصفهم بالتمييز بين ما يقال من غير فرق بين القائلين ليأخذوا بما عرفوا حسنه ويطرحوا ما لم يتبينوا صحته ونفعه ومال على الرؤساء فأنزلهم من مستوى كانوا فيه يأمرون وينهون ووضعهم تحت أنظار مرءوسيهم يخبرونهم كما يشاءون ويمتحنون مزاعمهم حسبما يحكمون ويقضون فيها بما يعلمون ويتيقنون لا بما يظنون ويتوهمون صرف القلوب عن التعلق بما كان عليه الآباء وما توارثه عنهم الآبناء وسجل الحمق والسفاهة على الآخذين بأقوال السابقين ونبه على أن السبق فى الزمان ليس آية من آيات العرفان ولا مسميا العقول على عقول ولا لأذهان على أذهان وإنما السابق واللاحق فى التمييز والفطرة سيان بل للاحق من علم آثارها فى الكون مالم يكن لمن تقدمه من أسلافة وآبائه وقد يكون من تلك الآثار التى ينتفع بها أهل الجيل الحاضر ظهور