الملكات السيئة التى كانت تلازم تلك الأوهام وتخلصت بتلك الطهارة من الاختلاف فى المعبودين وعليهم وارتفع شأن الإنسان وسمعت قيمته بما صار إليه من الكرامة بحيث أصبح لا يخضع لأحد إلا لخالق السموات والأرض وقاهر الناس أجمعين وأبيح لكل أحد بل فرض عليه أن يقول كما قال إبرهيم إنى وجهت وجهى للذى فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين وكما أمر رسول الله أن يقول إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين .
تجلت بذلك للانسان نفسه حره كريمه وأطلقت إرادته من القيود التى كانت تعقدها بإرادة غيره سواء كانت إرادة بشرية ظن أنها شعبة من الإرادة الإلهية أو أنها هى كارادة الرؤساء والمسيطرين أو إرادة موهومة اخترعها الخيال كما يظن فى القبور والاحجار والاشجار والكواكب ونحوها وافتكت عزيمته من أسر الوسائط والشفعاء والمتكهنة والعرفاء وزعماء السيطرة على الأسرار ومنتحلى حق الولاية على أعمال العيد فيما بينه وبين الله الزاعمين وأنهم واسطة النجاة وبأيديهم الاشقاء والاسعاد وبالجملة فقد اعتقت روحه من العبودية للمحتالين والدجالين صار الإنسان بالتوحيد عبد الله خاصة حرا من العبودية لكل ما سواه فكان له من الحق ما للحر على الحر لا على فى الحق ولا وضيع ولا سافل ولا رفيع ولا تفاوت بين الناس إلا بتفاوت أعمالهم ولا تفاضل إلا بتفاضلهم فى عقولهم ومعارفهم ولا يقربهم من الله إلا طهارة العقل من دنس الوهم وخلوص العمل من العوج والرياء ثم بهذا خلصت أموال الكاسبين وتمحض الحق فيها للفقراء والمساكين والمصالح العامة وكفت عنها أيدى العالة وأهل البطالة ممن كان يزعم الحق فيها بصفته ورتبته لا بعمله وخدمته .
طالب الإسلام بالعمل كل قادر عليه وقرر أن لكل نفس ما كسبت وعليها ما اكتسبت فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال