ومعادهم وما أراد أن يعلموه من شئون ذاته وكمال صفاته وأولئك هم الأنبياء والمرسلين فبعثه الأنبياء صلوات الله عليهم من متمات كون الإنسان ومن أهم حاجاته فى بقائه ومنزلتها من النوع منزلة العقل من الشخص نعمة أتمها الله لكيلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وسنتكلم عن وظيفتهم بنوع من التفصيل فيما بعد .
امكان الوحى .
الكلام فى إمكان الوحى يأتى بعد تعريفه لتصوير المعنى الذى يراد منه وليعرف المعنى الحاصل بالمصدر فيفهم معنى المصدر نفسه ولا يعنينا ما تثيره الألفاظ فى الأذهان ولنذكر من اللغة ما يناسبه يقال وحيت إليه وأوحيت إذا كلمته بما تخفيه عن غيره والوحى مصدر من ذلك والمكتوب والرسالة وكل ما ألقيته إلى غيرك ليعلمه ثم غلب فيما يلقى إلى الأنبياء من قبل الله وقيل الوحى إعلام فى خفاء ويطلق ويراد به الموحى وقد عرفوه شرعا أنه كلام الله تعالى المنزل على نبى من أنبيائه أما نحن فنعرفه على شرطنا بأنه عرفان يحده الشخص من نفسه مع اليقين بأنه من قبل الله بواسطة أو بغير واسطة والأول بصوت يتمثل لسمعه أو بغير صوت ويفرق بينه وبين الالهام وجدان تستيقنه النفس وتنساق إلى ما يطلب على غير شعور منها من أين أتى وهو أشبه بوجدان الجوع والعطش والحزن والسرور أما إمكان حصول هذا النوع هزة العرفان الوحى وانكشاف ما غاب من مصالح البشر عن عامتهم لمن يختصه الله بذلك وسهولة فهمه عند العقل فلا أراه مما يصعب إدراكه إلا على من لا يريد أن يدرك ويحب أن يرغم نفسه الفهامة على أن لا تفهم نعم يوجد فى كل أمة وفى كل زمان أناس يقذف بهم الطيش والنقص فى العلم إلى ما وراء سواحل اليقين فيسقطون فى غمرات من الشك فى كل مالم يقع تحت حواسهم الخمس بل قد يدركهم الريب فيما هو من متناولها كما سبقت الإشارة إليه فكأنهم بسقطتهم هذه انحطوا إلى ما هو أدنى من مراتب أنواع أخرى من الحيوان فينسون العقل وشئونه