به إلى حيث يدرى ولا يدرى وفى كل ذلك الويل على جامعته والخطر على وجوده أفهل منى هذا النوع بالنقص ورزء بالقصور عن مثل ما بلغه أضعف الحيوانات وأحطها فى منازل الوجود نعم هو كذلك لولا ما أتاه الصانع الحكيم من ناحية ضعفه .
الإنسان عجيب فى شأنه يصعد بقوة عقله إلى أعلى مراتب الملكوت ويطاول بفكره أرفع معالم الجبروت ويسامى بقوته ما يعظم عن أن يسامى من قوى الكون الأعظم ثم يصغر ويتضاءل وينحط إلى أدنى درك من الاستكانة والخضوع متى عرض له أمر مالم يعرف سببه ولم يدرك منشأه ذلك لسر عرفه المستبصرون واستشعرته نفوس الناس أجمعين من ذلك الضعف قيد إلى هداه ومن تلك الضعة أخذ بيده إلى شرف سعادته أكمل الواهب الجواد لجملته ما اقتضت حكمته فى تخصيص نوعه بما يميزه عن غيره أن ينقص من أفراده وكما جاد على كل شخص بالعقل المصرف للحواس لينظر فى طلب اللقمة وستر العورة والتوقى من الحر والبرد جاد على الجملة بما هو أمس بالحاجة في البقاء وآثر فى الوقاية من غوائل الشقاء وأحفظ لنظام الاجتماع الذى هو عماد كونه بالاجماع من عليه بالنائب الحقيقى عن المحبة بل الراجع بها إلى النفوس التى أقفرت منها لم يخالف سننه فيه من بناء كونه على قاعدة التعليم والإرشاد غير أنه أتاه مع ذلك من أضعف الجهات فيه وهى جهة الخضوع والاستكانة فأقام له من بين أفراده مرشدين هادين وميزهم من بينها بخصائص فى أنفسهم لا يشركهم فيها سواهم وأيد ذلك زيادة فى الإقناع بآيات باهرات تملك النفوس وتأخذ الطريق على سوابق العقول فيستخذى الطامح ويذل الجامع ويصطدم بها عقل العاقل فيرجع إلى رشده وينبهر لها بصر الجاهل فيرتد عن غيه يطرقون القلوب بقوارع من أمر الله ويدهشون المدارك ببواهر من آياته فيحيطون العقول بمالا مندوحة عن الأذعان له ويستوى فى الركون لما يجيئون به المالك والمملوك والسلطان والصعلوك والعاقل والجاهل والمفضول والفاضل فيكون الاذعان لهم أشبه بالاضطرارى منه بالاختيارى النظرى يعلمونهم ما شاء الله أن يصلح به معاشهم