مقدمات .
التوحيد علم يبحث فيه عن وجود الله وما يجب أن يثبت له من صفات وما يجوز أن يوصف به وما يجب أن ينفى عنه وعن الرسل لإثبات رسالتهم وما يجب أن يكونوا عليه وما يجوز أن ينسب إليهم وما يمتنع أن يلحق بهم .
أصل معنى التوحيد اعتقاد أن الله واحد لا شريك له وسمى هذا العلم به تسمية له بأهم أجزائه وهو إثبات الوحدة لله في الذات والفعل في خلق الأكوان وأنه وحده مرجع كل كون ومنتهى كل قصد وهذا المطلب كان الغاية العظمى من بعثة النبى كما تشهد به آيات الكتاب العزيز وسيأتى بيانه .
وقد يسمى علم الكلام إما لأن أشهر مسألة وقع فيها الخلاف بين علماء القرون الأولى هي أن كلام الله المتلو حادث أو قديم وإما لأن مبناه الدليل العقلى وأثره يظهر من كل متكلم في كلامه وقلما يرجع فيه إلى النقل اللهم إلا بعد تقرير الأصول الأولى ثم الانتقال منها إلى ما هو أشبه بالفرع عنها وإن كان أصلا لما يأتى بعدها وإما لأنه في بيانه طرق الاستدلال على أصول الدين أشبه بالمنطق في تبيينه مسالك الحجة في علوم أهل النظر وأبدل المنطق بالكلام للتفرقة بينهما .
هذا النوع من العلم علم تقرير العقائد وبيان ما جاء في النبوات كان معروفا عند الأمم قبل الإسلام ففى كل أمة كان القائمون بأمر الدين يعملون لحفظه وتأييده وكان البيان من أول وسائلهم إلى ذلك لكنهم كانوا قلما ينحون في بيانهم نحو الدليل العقلى وبناء آرائهم وعقائدهم على ما في طبيعة الوجود أو ما يشتمل عليه نظام الكون بل كانت منازع العقول في العلم ومضارب الدين في الإلزام بالعقائد وتقريبها من مشاعر القلوب على طرفى نقيض وكثيرا ما صرح الدين على لسان رؤسائه أنه عدو العقل نتائجه ومقدماته